التوك توك في بغداد.. صراع حياة وسط شوشرة الشوارع
[ad_1]
2025-02-17T09:13:43+00:00
شفق نيوز/ على مدى
العقد الماضي، أصبحت دراجات التوك توك جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في بغداد،
إذ يعتمد عليها الكثيرون كمصدر رئيسي للدخل، ما يعكس أهميتها الاقتصادية في ظل
الظروف الراهنة.
لكن على الشق الأخر،
يتعرض أصحاب التوك التوك لإنتقادات واسعة ومطالبات بحظرها في الشوارع، فتجدهم
بمظهرهم الفريد الذي يجمع بين الشعر الطويل وملابس بسيطة وقيادة لا تخلو من التهور
ترافقها أصوات الأغاني العالية.
وتعود أصول التوك توك،
وهي دراجة نارية، إلى اليابان في ثلاثينيات القرن الماضي، اذ تم تطوير أول عربات
الريكشا الآلية وتصدير نماذج مبكرة منها إلى بلدان مختلفة، بما في ذلك تايلاند،
حيث خضعت للعديد من التعديلات لتناسب الاحتياجات المحلية.
وتستخدم هذه الدراجات
في الوقت الحاضر بعدد من الدول كالهند والصين والفلبين وبعض البلدان العربية، فيما
دخلت الى العراق لأول مرة عام 2015.
ووفق مديرية المرور
العامة، دخلت هذه دراجات بصفة العاب، ولا توجد لديها أوليات أو أوراق رسمية، ويبلغ
عددها نحو مليون دراجة في عموم العراق.
وقد حاول مراسل وكالة
شفق نيوز، الحصول على رد من مديرية المرور العامة، إلا أنها امتنعت عن الإدلاء بأي
تصريح.
وتقول رئيسة فريق
أنقياء العراق للحفاظ على الآثار والتراث، أسماء الشالجي، إن “التوك توك بلغت
شهرتها خلال أحداث تظاهرات تشرين الأول 2019، لمشاركتها بنقل الجرحى والمصابين،
لكن بعدها قام البعض من أصحابها بنقل المخدرات”.
وتؤكد لشفق نيوز، أن
“الكثير من الحوادث المرورية يعود سببها إلى أصحاب التوك توك”، مضيفة أن
“هذه الدراجات مفيدة في الاختناقات المرورية والأحياء الشعبية والطرق غير
المعبدة والتي يصعب دخول السيارات فيها”.
وتُشكل التوك توك
منافسًا قويًا لسيارات الأجرة في بغداد بسبب أعدادها الكبيرة وتواجدها في المناطق
السكنية، فضلاً عن أسعارها المناسبة؛ إذ يذكر المواطن حسين رحيمة (34 عامًا) أن
أجرة التوك توك لا تتجاوز 2000 دينار لمسافة قصيرة مقارنةً بأجرة سيارات التاكسي
التي لا تقل عن 5000 دينار، فمع سهولة مرورها في الازدحامات، أصبحت الخيار الأمثل
للتنقل في الأحياء الشعبية.
وللتعامل مع برودة فصل
الشتاء، يقوم أصحاب التوك توك بتغليف أماكن جلوس الركاب، حيث تُصمم الدراجة
لاستيعاب شخصين أو ثلاثة فقط في المقعد الخلفي.
لكن بعض الفتيات
يمتنعن عن استخدام هذا النوع من وسائل النقل لأسباب متعددة؛ فبعضهن يشعرن بالخجل،
بينما تتحاشى أخريات الركوب خشية من التحرش والمضايقة، خاصة وأن أغلب سائقيها من
المراهقين.
من جانب آخر، تعبر
الموظفة عذراء سعدون (36 عاماً) عن تجربتها لدى وكالة شفق نيوز قائلة:
“”هناك مسافة قصيرة تفصل بين دائرتي ومنزلي، ولا يوجد في طريقي خط نقل
سوى التوك توك، ولكني أفضل السير تحت المطر أو حرارة الشمس على صعود هذه
الدراجات.”
وتضيف: “جربت
ركوب هذه الدراجات أكثر من مرة، وندمت كثيراً بسبب المضايقات والألفاظ النابية
التي تصدرها بعض أصحابها.”
ويقول أحمد نافع وهو
سائق توك توك لوكالة شفق نيوز: “أنا خريج كلية، ومع ذلك وجدت نفسي مضطرًا
للعمل بهذه الدراجة بسبب الواقع الذي نعيشه في بلدنا. لقد حلمت يومًا بأن أجد فرصة
عمل تناسب مؤهلاتي وطموحاتي، لكن انعدام التعيينات والمحسوبية والفساد المستشري
جعلوا الأبواب مغلقة أمام الكثيرين منا”.
ويشاطر زميله كرار في
هذا السياق بالقول: “أصبحت قيادة التوك توك ليست خيارًا، بل وسيلة معيشة أجد
فيها بصيص أمل، حيث أعمل بجد يوميًا لتوفير لقمة العيش لأسرتي وتحقيق بعض
الاستقرار في حياتي. أرى في هذا العمل حقيقة مريرة لكنها واقع يعيشه الكثير من
أبناء وطننا، الذين بدلاً من أن يُقدَّروا على قدراتهم، يُحرمون من فرص العيش
الكريم بسبب نظام لا يكافئ الكفاءة والجدية”.
ويقول المحلل
الاقتصادي أحمد عبد ربه، لوكالة شفق نيوز، إن “دراجات التوك توك تنتشر في
البلدان الفقيرة او البلدان التي تواجه انفجارا سكانياً، لكنها لا تنسجم مع اقتصاد
وأخلاقيات العراق واعرافه الاجتماعية”.
ويتابع، أن
“الأعداد الكبيرة لهذا النوع من الدراجات في بغداد تؤكد عدم وجود خطط
استراتيجية فاعلة لمعالجة الاختناقات المرورية والملفات الحيوية الاخرى، باستثناء
بعض الخطوات الخجولة التي تبقى عاجزة عن معالجة القضايا المتراكمة”.
ويشدد عبد ربه، على
“أهمية تسجيل هذه الدراجات في الدوائر المرورية وتثبيت لوحات عليها”،
منوها الى أن “قرار حظر استيراد دراجات التوك توك جاء متأخراً، فلغاية الان
الاعداد الرسمية لهذه الدراجات تجاوزت المليون”.
وكانت الجهات الحكومية
قررت حظر مرور التوك توك في بعض المناطق الراقية من بغداد لمنع تعرض تلك المناطق
للتشويه، فيما يؤكد باحثون في التراث والفلكلور، ان التوك توك افسدت معالم بغداد
الثقافية والتراثية وشوهت الإطار الفلكلوري للمدينة.
ويؤكد الباحث التراثي
عامر عبد الرزاق، أن “دخول التوك توك بهذه الاعداد ودون تنظيم خلق فوضى كبيرة
وخاصة في المناطق التراثية كشارع الرشيد والسراي المناطق الاخرى”.
ويضيف لوكالة شفق
نيوز، أن “الاعداد الكبيرة تعطي صورة غير حضارية، ويجب ان تكون هناك قوانين
تحدد مرورها”.
ويلفت إلى أن
“مناطق بغداد التراثية يجب ان تكون للمواطنين والسياح فقط ليتمتعوا بالنظر
الى الأبنية والازقة التراثية وليس للسيارات والتكاتك، كما يجب أن يتم تبليط
الشوارع بالمقرنص ويمنع دخول أي مركبة في تلك المناطق وتكون مشابهة للمناطق
التراثية في الفاتيكان وروما”.
بدوره، يركد الأديب
والباحث الفلكلوري علي خالد نجيب، لوكالة شفق نيوز، أنه “من الضرورة حظر مرور
هذه الدراجات في المناطق التراثية والشوارع الثقافية حفاظا على الإرث
البغدادي”.
ويستطرد، “كيف
يمكن الاحتفاء ببغداد عاصمة للسياحة في ظل أعداد التوك توك الكبيرة التي تحجب
المعالم والآثار، وماذا سترى الوفود العربية والاجنبية خلال حضورها الى بغداد
للمشاركة بهذه المناسبة؟”.
ولكل ما تقدم وما يحيط
بشوشرة الشارع، يستنشق علي سامر ابن ال18 عاماً دخان سيجارته ويعلق: “أنا
سائق توك توك منذ سنوات، وقد سئمت من الانتقادات التي أتلقاها يوميًا من المارة
والركاب. لكن الواقع قاسي، ولا خيار أمامي سوى الاستمرار في هذا العمل لتأمين عيش
كريم في ظل الظروف الراهنة”.
ويضيف: “لقد فقدت
الكثير من زملائي في هذا الميدان؛ بعضهم انجرّ إلى الإدمان، وآخرون انتهى بهم
المطاف في السجن بسبب جرائم ارتكبوها. ومع ذلك، اخترتُ هذا الطريق رغم كل معاناة،
فهو الطريق الوحيد الذي يمكّنني من كسب قوت يومي وتحمل مسؤولية إعالة عائلتي، آمل
أن يأتي يوم تتغير فيه الظروف ليسمح للجميع بالعيش بكرامة دون الحاجة للتضحية
بآمالهم وطموحاتهم”.
[ad_2]
Source link
إرسال التعليق