مصر تتجه نحو الطائرات الصينية بعد تراجع روسيا في توفير المقاتلات العسكرية منخفضة التكلفة
تم تسليم مقاتلات “ميغ-29” بدءًا من أبريل 2017، بينما لم تُسلّم مقاتلات “سو-35إس” بسبب تهديد العقوبات الأمريكية بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA)، وكذلك بسبب توقف توريد المكونات الغربية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد رفضت مصر في النهاية تسلم هذه الطائرات، والتي يُقال إنها ستُنقل إلى إيران. كما رفضت الولايات المتحدة طلب مصر شراء 20 مقاتلة “F-35A” في 2019، مما دفع القاهرة إلى تعزيز أسطولها بشراء 30 مقاتلة إضافية من طراز “رافال” في 2021.
تمتلك مصر اليوم عاشر أكبر أسطول جوي في العالم وأكثره تنوعًا. إلا أن تشغيل الطائرات الغربية جنبًا إلى جنب مع الطائرات الروسية والصينية القديمة يخلق تحديات في التشغيل المتكامل، إذ يتطلب تدريب الفنيين على أنظمة مختلفة ويعقد عمليات التنسيق بين الطائرات. فعلى سبيل المثال، لا يمكن للطائرات من مصادر مختلفة تبادل البيانات أو تحديد الأهداف لبعضها البعض. ورغم ذلك، يبدو أن مصر قد نفذت نظام تعريف الصديق من العدو (IFF) متوافقًا مع جميع أنواع الطائرات، وتعمل على تطوير نظام ربط بيانات عالمي لتعزيز التكامل بين أسطولها.


قيود الطائرات الروسية
تستخدم القوات الجوية المصرية طائرات “ميغ-29” كناقلات للتزود بالوقود جوًا لدعم طائرات “رافال” عبر تقنية التزود بالوقود “Buddy-Buddy” نظرًا لتوافق أنظمتها. ومع ذلك، فإن الطائرات الروسية ليست متوافقة مع الذخائر والصواريخ التي تستخدمها طائرات “إف-16″ و”رافال” المصرية. كما أن طائرات “ميغ-29” تفتقر إلى رادارات المسح الإلكتروني النشط (AESA)، والصواريخ جو-جو بعيدة المدى (BVRAAM) التي تمتلكها أقل كفاءة مقارنة بنظيراتها الأمريكية والأوروبية.
على الرغم من أن طائرات “ميغ-29″ لا تستطيع تبادل البيانات مع الطائرات الأمريكية، كانت القاهرة تأمل أن تعمل هذه الطائرات كـ”قوة ضمن القوة” لتعزيز قدراتها المحدودة في القتال الجوي. إلا أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر نظرًا لأن التكتيكات الحديثة تعتمد على التكامل والتواصل بين المنصات المختلفة.
أما بالنسبة لصفقة “سوخوي سو-35” الملغاة، فقد أثبتت هذه الطائرات أنها أقل كفاءة من طائرات “رافال”، خاصة خلال الاختبارات التنافسية في كوريا الجنوبية عام 2002 والبرازيل عام 2014. ففي كوريا الجنوبية، حصلت “رافال” على أعلى التقييمات في جميع الفئات، متفوقة بفارق كبير على “سو-35″، التي عانت من ضعف إلكترونيات الطيران وارتفاع تكاليف الصيانة. وحدث الأمر نفسه في البرازيل، حيث تم استبعاد “سو-35” فورًا.
واليوم، تتفاقم مشاكل “سو-35” نتيجة فقدان المكونات الفرنسية المحظورة بعد غزو أوكرانيا، لا سيما معدات شركة “تاليس”، مما زاد من تراجع كفاءتها مقارنة بمنافساتها الغربية.


هل الصين بديل مناسب؟
تُعد سياسة الصين القائمة على عدم التدخل ونهجها الاستراتيجي في تصدير الأسلحة أكثر جاذبية لمصر، إذ لا تفرض بكين شروطًا سياسية. وتتميز هذه السياسة بأسعار تنافسية وتكنولوجيا يعتبرها البعض معادلة أو حتى متفوقة على العروض الروسية، مما يجعل الصين موردًا مغريًا لتلبية احتياجات الدفاع المصري، مع اهتمام خاص بمقاتلات J-10C وFC-31.
تعد J-10C مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5 طورتها شركة Chengdu Aircraft Industry Corporation (CAC). وتعمل بمحرك صيني من طراز WS-10B، وتبلغ سرعتها القصوى حوالي 2.0 ماخ، مع مدى يصل إلى 1,850 كيلومترًا. وتتميز الطائرة برادار KLJ-7A من نوع AESA (رادار مسح إلكتروني نشط)، والذي يُعد أكثر تطورًا من الرادار PESA لطائرات ميغ-29، رغم أنه يعاني من بعض القيود.
خلال المناورات مع مقاتلات Gripen-C التايلاندية، أثبتت الرادارات AESA في طائرات J-10C وJ-11A/B الصينية أنها أقل كفاءة من الرادار PS-05/A mk.4 PESA القديم. وأسفرت هذه الاختبارات عن نتائج كارثية للصين في القتالين القريب (WVR) والبعيد (BVR)، حيث خسرت طائرات J-10A/B بنتيجة 40-0 أمام مقاتلات Gripen التايلاندية.
من ناحية الحرب الإلكترونية، تتمتع J-10C بحواضن استطلاع إلكتروني ومستشعر تتبع بالأشعة تحت الحمراء (IRST)، مما يعزز قدرتها على اكتشاف الأهداف والاشتباك معها في بيئات قتالية متنوعة. وتُظهر التقارير أن مصر مهتمة بشراء 11 طائرة J-10C لتعزيز أسطولها، وليس لاستبدال ميغ-29، مما يسمح بتحديث القدرات التكنولوجية مع الحفاظ على التوازن بين التكلفة والكفاءة.
شنيانغ J-31: مقاتلة من الجيل الخامس بإمكانات أقل من الرافال


تُعد J-31، المعروفة أيضًا باسم FC-31، مقاتلة شبحية من الجيل الخامس طورتها شركة Shenyang Aircraft Corporation. تعمل بمحركين روسيين من طراز RD-93، وتبلغ سرعتها القصوى 1.8 ماخ مع مدى يصل إلى 4,000 كيلومتر. وتدمج الطائرة ميزات الشبحية مثل مآخذ الهواء فائقة الصوت (Diverterless Supersonic Inlets) وحجرات الأسلحة الداخلية، مما يقلل من بصمتها الرادارية. كما أنها مزودة برادار KLJ-7A AESA، ونظام تتبع بالأشعة تحت الحمراء IRST، ونظام استهداف كهروبصري EOTS.
رغم ذلك، لم تحقق الصين بعد النضج الكافي في تصنيع المواد المركبة العسكرية المتقدمة، وتفتقر إلى القدرة الإنتاجية الضخمة للهياكل المتكاملة في صناعة الطيران. ونتيجة لذلك، تعتمد J-31 على هيكل مصنوع من الفولاذ والألمنيوم والتيتانيوم، مما يحد من قدرتها على التخفي الراداري. كما تعتمد الصين على الإمدادات الأوروبية والروسية لتطوير الهياكل المركبة، ما قد يُفسر استخدامها لطلاء بسيط بدلًا من المواد الممتصة للرادار (RAM) الحقيقية.
رغم عدم توفر معلومات علنية حول المقطع العرضي الراداري (RCS) لـ J-31، إلا أنه يُقدَّر بأنه أقل كفاءة مقارنةً بالعديد من مقاتلات الجيل الرابع المتقدمة. كما أن محركات RD-93 تُصدر أعمدة دخانية سوداء، مما يحدّ من التخفي البصري للطائرة، في حين أن افتقارها إلى خاصية الإخفاء الحراري يجعلها أكثر عرضة للكشف بواسطة الأنظمة الحديثة.
من الناحية النظرية، صُممت J-31 لأداء مجموعة واسعة من المهام، بما في ذلك الدفاع الجوي، والدعم القريب، والقصف، وقمع الدفاعات الجوية المعادية (SEAD). وتتميز الطائرة بقدرة لوجستية متكاملة ونسبة جيدة بين الأداء والتكلفة، رغم أن تكاليف التشغيل الفعلية غير معروفة حتى الآن.
بناءً على الأنظمة الحالية المستخدمة في FC-31، من المرجح أن تتفوق عليها الرافال الهندية أو حتى F-16V التايوانية. كما كشفت العروض العلنية الأولى للطائرة عام 2014 عن مشاكل ديناميكية هوائية، مع فقدان ملحوظ للطاقة أثناء المناورات، مما قد يؤثر سلبًا على أدائها في المعارك الجوية.
ورغم أن J-31 أقل كفاءة ولكنها أيضًا أقل تكلفة من رافال، إلا أنها قد تقدم حلاً اقتصاديًا لبعض المهام مثل الدوريات الجوية المنتظمة أو الانتشار في العمليات المكثفة. كما أن تصنيفها كمقاتلة من الجيل الخامس يمثل ورقة سياسية قوية، رغم أن هذا التصنيف لا يضمن الكفاءة التشغيلية في الواقع.


ماذا عن الولايات المتحدة؟
تقدم الولايات المتحدة لمصر 1.3 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية في شكل اعتمادات لشراء الأسلحة عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية (FMS). ومع ذلك، فإن هذا الدعم مشروط بضمان التفوق النوعي والكمي العسكري لإسرائيل في المنطقة، مما يمنع بيع بعض الأسلحة المتطورة لمصر، مثل صواريخ AIM-120C وAIM-9X جو-جو لطائرات إف-16، مما يُقيد بشكل كبير قدرات الدفاع الجوي المصرية.
حتى الآن، لم تزود فرنسا مصر بصواريخ MBDA Meteor جو-جو بعيدة المدى، لكنها باعت صواريخ SCALP الجوالة التي تُطلق من الجو، بالإضافة إلى الذخائر الدقيقة Safran AASM للهجمات الأرضية.
نظرًا لحرمانها من طائرات إف-15 لمدة 40 عامًا تقريبًا، لجأت مصر بطبيعة الحال إلى روسيا من خلال شراء ميغ-29. ولكن في مارس 2022، أعلن الجنرال فرانك ماكنزي عن نيته تزويد مصر بطائرات إف-15. ومع ذلك، تبقى موافقة إسرائيل أمرًا حاسمًا لإتمام هذه الصفقة، وبينما تنتظر القاهرة تأكيدًا نهائيًا، فهي تُفضل التفاوض مع الصين كخيار بديل.
من الصعب تخيُّل أن تتمكن مصر من شراء مقاتلات صينية حديثة في ظل تهديد قانون CAATSA (قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات)، حيث أن تطبيقه قد يضر بشدة بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة ويؤدي إلى عواقب وخيمة على جاهزية القوات المسلحة المصرية.
وبالنظر إلى هذه المخاطر، من المعقول أيضًا التساؤل عما إذا كان الاهتمام المصري المُعلن بمقاتلات J-10C وJ-31 هو اهتمام حقيقي، أم أنه مجرد مناورة تفاوضية للضغط على واشنطن للحصول على تنازلات أفضل.
في كل الأحوال، فإن إدارة العمليات لطائرات مقاتلة من خمسة أنواع مختلفة قادمة من ثلاثة موردين ستشكل تحديًا لوجستيًا وكابوسًا في الصيانة لفرق القوات الجوية المصرية.


مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-03-11 14:34:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل
إرسال التعليق